ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين فقد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.
والآية السادسة قول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (١) وهذه خصوصية للنبي صلىاللهعليهوآله إلى يوم القيامة ، وخصوصية للآل دون غيرهم ، وذاك أنّ الله تعالى حكى في ذكر نوح عليهالسلام في كتابه (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) (٢) وحكى عزوجل عن هود عليهالسلام انّه قال : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٣) وقال عزوجل لنبيّه محمدصلىاللهعليهوآله : قل يا محمد (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٤) ولم يفرض الله تعالى مودتهم إلّا وقد علم انّهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال أبدا وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدّوا له فلا يسلم له قلب الرجل فأحب الله أن لا يكون في قلب رسول الله صلىاللهعليهوآله على المؤمنين شيء ففرض الله عليهم مودّة ذوي القربى فمن أخذ بها وأحب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يبغضه ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته عليهمالسلام فعلى رسول الله أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه فأنزل الله تعالى هذه الآية على نبيّه (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله في أصحابه فحمد الله واثنى عليه وقال : أيها الناس قد فرض الله لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه؟ فلم يجبه أحد فقال : أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مأكول ولا مشروب.
فقالوا : هات إذا ، فتلا عليهم هذه الآية فقالوا : أمّا هذه فنعم. فما وفى بها أكثرهم ، وما بعث الله عزوجل نبيا إلّا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا لأنّ الله تعالى يوفي أجر الأنبياء عليهمالسلام ومحمد صلىاللهعليهوآله فرض الله عزوجل مودّة قرابته على امته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجبه الله تعالى لهم فإن المودّة إنّما تكون على قدر معرفة الفضل ، فلمّا أوجب الله تعالى ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فتمسّك بها قوم قد أخذ الله تعالى ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق ألحدوا في ذلك فصرفوه عن حدّه الذي حدّه الله تعالى فقالوا : القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي القرابة فأقربهم من النبي صلىاللهعليهوآله أولاهم بالمودّة وكلما قربت القرابة كانت المودّة على قدرها وما انصفوا نبي الله صلىاللهعليهوآله في
__________________
(١) الشورى : ٢٣.
(٢) هود : ٢٩.
(٣) هود : ٥١.
(٤) الشورى : ٢٣.