وبعد :
فقد قسّمنا الحقوق بحسب الأخبار المختارة إلى ثلاثة أنواع :
الأوّل : أداء حقِّ المؤمن في حوائجه المعنويّة.
والثاني : أداء حقّ المؤمن بالسعي في حوائجه.
والثالث : أداء حقّ المؤمن ببذل المال في حوائجه.
وقبل الورود في الأنواع ، نذكّر بالمطلب التالي :
عن أمير المؤمنين عليه السلام : «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : الحوائج أمانة من الله في صدور العباد ، فمن كتمها كتبت له عبادة»(١).
يفيد هذا الخبر : إنّ الحاجة بحكم الأمانة ، فكما يجب حفظ الأمانة وردّها إلى صاحبها ، كذلك الحاجة ، على المؤمن أنْ لا يظهرها ولا يخبر بها أحداً ، بل يرجع إلى الله سبحانه ويطلبها منه.
ولذا ورد عن أحدهم أنّه دخل على أبي عبـد الله عليه السلام فذكر له بعض حاله ، فناوله الإمام عليه السلام كيساً فيه أربعمائة دينار ، ثمّ قال له : «إيّاك أنْ تخبر الناس بكلّ حالك ، فتهون عليهم»(٢).
وقال أبو عبـد الله عليه السلام : «إنّ الله فوّض إلى المؤمن أُموره كلّها ، ولم يفوّض إليه أنْ يكون ذليلاً ...»(٣).
فهم ـ عليهم السلام ـ يريدون العزّة والكرامة لشيعتهم ، فإنّ في ذلك
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٤٤٥ ح ١٢٤٥٨.
(٢) وسائل الشيعة ٩/٤٤٥ ح ١٢٤٥٧.
(٣) وسائل الشيعة ١٦/١٥٦ ح ٢١٢٣٢.