المتداولة بحجّة اختلاطها بالقرآن. وهي من أوهن الحجج ؛ لاختلاف أُسلوب كلام الخالق عن كلام المخلوق (صلى الله عليه وآله وسلم).
و «هو سبب لا يقتنع به عاقل عالم ، ولا يقبله محقّق دارس. اللّهم إلاّ إذا جعلنا الأحاديث من جنس القرآن في البلاغة ، وأنّ أُسلوبها في الإعجاز من أُسلوبه! هذا ممّا لا يقرّه أحد حتّى ولا الذين جاؤوا بهذا الرأي. إذ معناه إبطال معجزة القرآن وهدم أُصولها من القواعد. على أنّ الأحاديث لو كانت قد كتبت فإنّما ذلك على أنّها أحاديث للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبين الحديث والقرآن ـ ولا ريب ـ فروق كثيرة يعرفها كلّ من له بصر بالبلاغة وذوق في البيان .. فيكون ذلك على أنّها أحاديث ، ويتلقّاها المسلمون على أنّها كلام النبي ، ويظلّ أمرها على ذلك جيلاً بعد جيل ، فلا يدخلها الشوب ، ولا يعتريها التغيير ، ولا ينالها الوضع .. وما لهم يذهبون إلى اختراع الأسباب وابتداع العلل»(١).
وكان من نتائج تلك السياسة أن طالت يد التحريف بعض جوانب السنّة الشريفة. ولولا تصدّي أئمّة أهل البيت عليهمالسلام لحفظ السنّة ؛ لآل المصير إلى انهدام الركن الثاني من أركان الشريعة السماوية.
روى البيهقي في سننه عن عبـد الرزاق ، وابن أبي شيبة : إنّ عمران بن الحصين صلّى خلف علي عليهالسلام فأخذ بيد مطرّف بن عبـد الله ، وقال : لقد صلّى صلاة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولقد ذكرني صلاة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)(٢). وكان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام يجهر بالبسملة في الصلاة ، وهي من سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فبالغ بنو أُمية في المنع عن الجهر
__________________
(١) أضواء على السنّة المحمّـدية : ٢٧ ـ ٢٨.
(٢) سنن البيهقي ٢ / ٦٨ ، وأنساب الأشراف ٢ / ١٨ ، وكنـز العمّال ٨ / ١٤٣.