٢ ـ إنّ الروايات الواردة في الكتاب ليست كلّها صحيحة أو معتبرة ، وقد لاحظنا الأرقام التي أعدّها المحدّث البحراني في كتابه لؤلؤة البحرين ، فكان الصحيح منها ـ باصطلاح المتأخّرين ـ (٥٠٧٢) حديثاً من مجموع (١٩٩١٦) حديثاً (أي بنسبة ٣١ %) ، وهذه النسبة تغطّي معظم الأحكام الشرعية؟ لأنّ هناك الكثير من الأحاديث المكرّرة في ذات الموضوع. ومع ذلك فقد زُعِمَ بأنّ الاحتفاء الذي تمتّع به الكتاب يقتضي استغناء الفقيه عن التتبّع في آحاد رواته.
فقد وصفه الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) : بأنّه من أعظم كتب الشيعة.
وقال فيه الشهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ) : إنّه لم يعمل للإمامية مثله.
وقال فيه العلامة المجلسي (ت ١١١١ هـ) : بأنّه أضبط الأُصول وأجمعها.
ولكن مجرّد الاحتفاء بالكتاب لا يعبّر عن عصمته في جمع الأحاديث المعتبرة ؛ والضبط في الجمع والتبويب لا يحرز ضمّ الأحاديث الصحيحة بمعناها الواقعي. فهو قدسسره وإن لم يروِ في كتابه بلا واسطة إلاّ عن الثقات ، إلاّ أنّه مع الواسطة روى عن الثقات وغير الثقات ، وهذا المورد يستدعي التدقيق في الروايات من قبل أجيال الفقهاء التي لحقت بعصر الكليني قدسسره.
ووثاقة الكليني ، وضبطه ، وتحرّزه لا تضمن تماماً الوقوع في خطأ النقل عن الضعفاء. فقد يحصل ذلك استثناءً. وهذا ـ بحدّ ذاته ـ يستدعي التدقيق أيضاً. وقريب من ذلك ما فعله النجاشي ، فقد كان النجاشي ، إذا تعلّق الأمر بلا واسطة ، لا يروي إلاّ عن ثقة. إمّا مع الواسطة فهو يروي عن الثقة وغير الثقة.