«فاعلم يا أخي ـ أرشدك الله ـ أنّه لا يسع أحداً تمييز شيء ممّا اختلف الرواية فيه عن العلماء : برأيه ، إلاّ على ما أطلقه العالم بقوله عليهالسلام : اعرضوها على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله عزّ وجلّ فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، وقوله عليهالسلام : دعوا ما وافق القوم فإنّ الرشد في خلافهم ، وقوله عليهالسلام : خذوا بالمجمع عليه ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه. ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقلّه ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم عليهالسلام وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليهالسلام : بأيّما أخذتم من باب التسليم وسعكم»(١).
٢ ـ من لا يحضره الفقيه :
وهو الكتاب الثاني في الحديث ، من تأليف الشيخ محمّـد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، المعروف بالشيخ الصدوق.
اقتبس المصنّف اسم كتابه من كتاب من لا يحضره الطبيب لمحمّـد بن زكريا الرازي.
ويعتبر الكتاب من الكتب الدقيقة في الحديث ، بل إنّ «من الأصحاب من يذهب إلى ترجيح أحاديث من لا يحضره الفقيه على غيره من الكتب الأربعة ؛ نظراً إلى زيادة حفظ الصدوق ، وحسن ضبطه ، وتثبّته في الرواية ، وتأخّر كتابه عن الكافي ، وضمانه فيه بصحّة مايورده ، وإن لم يقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووا ، وإنّما يورد فيه ما يفتي به ويحكم
__________________
(١) الكافي ١ / ٩.