يظنّون»(١).
فبلحاظ تغيّر الزمان والمكان ، فإنّ أُصول البحث عن صحّة الروايات قد تبدّل ، فقد كان القدماء ، كالصدوق والطوسي وغيرهم يطمئنّون إلى صحّة الحديث ؛ لوجود قرائن خارجية ملموسة في ذلك الزمان ، كوجود الحديث في الأُصول الأربعمائة ، أو وجوده في الكتب المعروضة على أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ككتاب (يونس بن عبـد الرحمن) و (فضل بن شاذان) اللذين عرضا على الإمام العسكري عليهالسلام مثلاً. وهذا لا يقطع بوثوق الرواة ، بقدر ما يكشف صحّة الروايات في تلك الأُصول والكتب.
٢ ـ إنّ مراسيل من لا يحضره الفقيه التي بلغت حوالي نصف حجم الأحاديث الكلّية في الكتاب ، بحاجة إلى بحث وتمحيص ، فهل يمكن الاعتماد على مراسيل الصدوق كما هو الحال مع أسانيده؟
قال جماعة من الفقهاء : بحجّية مراسيل الصدوق.
فقال السيّد بحر العلوم في رجاله : «إنّ مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجّية والاعتبار ، وإنّ هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب»(٢).
وقال المحقّق الداماد في الرواشح : «إذا كان الإرسال بالإسقاط رأساً جزماً ، كما قال المرسل (قال النبي ، أو قال الإمام) فهو يتمّ فيه ، وذلك مثل قول الصدوق في الفقيه (قال الصادق عليهالسلام : الماء يطهر ولا يطهر) ، إذ مفاده الجزم أو الظنّ بصدور الحديث عن المعصوم ، فيجب أن تكون الوسائط عدولاً في ظنّه ، والاّ كان الحكم الجازم بالإسناد هادماً لجلالته
__________________
(١) تعليقة البهبهاني (الفوائد الرجالية) : ٢٧.
(٢) رجال بحر العلوم ٣ / ٣٠٠.