قبس من نور مشكاة الرسالة ، ونفحة من شميم رياض الإمامة ، حتّى قال بعض العارفين : إنّها تجري مجرى التنزيلات السماويّة ، وتسير مسير الصحف اللوحيّة والعرشيّة ؛ لما اشتملت عليه من أنوار حقائق المعرفة ، وثمار حدائق الحكمة ..»(١).
وقال أيضاً ـ بعد ذكر جملة كثيرة من طرق روايتها ـ : «وأمّا الصحيفة [من حيث العبارة فهي أظهر من أن تذكر ، فهي كالقرآن المجيد في نهاية الفصاحة ، وأمّا من جهة الإحاطة بالعلوم الإلهيّة ، فهي أيضاً ظاهرة لمن كان له أدنى معرفة بالعلوم»(٢).
وقال العلاّمة المتتبّع الأفندي الإصفهاني (ق ١٢) : «الحرقة والجذبة الشديدة في أدعية عليّ بن الحسين عليهالسلام ظاهرة ، والفصاحة والبلاغة والهيبة في أدعية أمير المؤمنين عليهالسلام باهرة إلاّ أنّ غاية امتياز الأدعية المذكورة في مطاوي الصحيفة الكاملة السجّاديّة المعروفة بين أصحابنا الإماميّة تارة بزبور آل محمّد عليهمالسلام ، وتارة بإنجيل أهل البيت ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ في تلك الصفات والفضائل والدرجات من بينها ونهاية الاعتماد عليها ممّا لايخفى على أُولى النُّهى ؛ لأنّ تواتر أدعيتها ، وجزالة معانيها ، ولطافة ألفاظها ، وطرافة عباراتها بل إعجازها وإفحامها ممّا قد أغنانا من مؤنة إيراد الحجج في إثباتها أو تجشّم زحمة في ذكر أسانيدها وطرقها إلى مولانا السجّاد الذي هو قائلها»(٣).
ويكفي في ذلك اعتماد أجلّة الأئمّة المحدّثين والمصنّفين عليها ،
__________________
(١) رياض السالكين ١ / ٥١.
(٢) بحار الأنوار ١١٠ / ٥٩ رقم ٤١.
(٣) الصحيفة الثالثة السجّاديّة : ٤ ـ ٥.