وثانيا : إنما يسألون كما قال : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) ، ثم تنقطع مسألتهم عند حصولهم في العقوبة ، فلا تنافي بين القولين بل هما إثبات للسؤال في وقت ، ونفي له في وقت آخر.
وثالثا : أن في القيامة مواقف يسأل العبد في بعضها ، ولا يسأل في بعضها الآخر ، فلا تضادّ بين الآيات ... ومثل ذلك كثير في القرآن.
٧ ـ (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ ...) أي لنخرجنّهم بأعمالهم إخبار علم ليعرفوا أن أعمالهم كانت محفوظة ، وليعرف المكلّف جزاء عمله ، فتظهر لهم أحوالهم (بِعِلْمٍ) أي بمعرفة تامة. وهذا ما أشرنا إليه من أنه سبحانه لا يسأل سؤال من ينتظر معرفة الجواب ، بل نسألهم ونخبرهم بعلم يبدو لهم ظاهرا في كتاب أعمالهم الذي لم يغادر كبيرة ولا صغيرة إلّا أحصاها (وَما كُنَّا غائِبِينَ) عن شيء من أفعالهم ولا عن علم ذلك كله ، ولا عن الرّسل فيما بلّغوا لأممهم ، ولا فاتنا شيء من ذلك.
٨ ـ (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ...) يومئذ : أي يوم القيامة يكون وزن الأعمال وزنا حقّا. وقد قيل في ذلك الوزن :
أنه عبارة عن العدل الإلهي بحيث لا ظلم لأحد كما عن مجاهد والضحاك والبلخي.
وأن الله تعالى ينصب ميزانا له لسان وكفّتان توزن به الحسنات والسيئات في قول ابن عباس والجبائي ، واختلفوا في كيفية الوزن لأن الأعمال أعراض لا تعاد يوم القيامة ولا يكون لها وزن. فقال جماعة : تظهر علامات للحسنات وعلامات للسيئات يراها الناس ، وقيل توزن نفس المؤمن ونفس الكافر.
وقيل ثالثا : المراد بالوزن هو ظهور مقدار المؤمن في العظم. ومقدار الكافر في الذّلة ، فمن عمل صالحا ظهر قدره وفلاحه ، ومن عمل سيئا