(لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها) أي لا يعون ولا يعقلون ولا يفكرون بحجج الله وبيّناته (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها) لا يرون طريق الرشد من طريق الغي (وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) قول الأنبياء ولا وعظ المرشدين إلى الهدى ، بل يعرضون عن أمر الله كأنهم ليست لديهم آلات الإدراك (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ) أي : هؤلاء هم كالحيوانات لا يتدبّرون قول الله عزّ اسمه ولا يتدبّرون آياته ودلائله لأنهم كالبهائم التي لا تفقه قولا ولا تسمع وعظا (بَلْ هُمْ أَضَلُ) من البهائم لأنها قد تنزجر وهم لا ينزجرون ، وقد تسمع أمر صاحبها وهم لا يسمعون. وقوله تعالى : بل هم كالأنعام ، يدل على أن : بل ، للإضراب مع بقاء كونهم كالبهائم ، فهم مع عقولهم لا يميّزون ، في حين أن البهائم ليس عندها آلة معرفة ولا تلحقها مذمّة إذا لم تعقل ، أمّا هم فقد ضيّعوا فائدة ما وهبهم الله وعصوه وخرجوا عن أمره فكانوا أسوأ حالا من البهائم (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) عن حجج الله تعالى وبيّناته ، وعن التفكير بما يصلح حالهم ويؤمّن مآلهم في الدنيا والآخرة.
* * *
(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠) وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١))
١٨٠ ـ (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، فَادْعُوهُ بِها ...) بعد ذكر هؤلاء المعاندين أخبر سبحانه أن له الأسماء الحسنة المعاني والدلالة كالرحمن والرحيم والرزّاق والكريم وغيرها مما يتضمّن أحسن المعاني ويحمل أجمل الدلالات كالقدير والحي والبصير والسميع والغني والواحد والأحد ، فهي أسماء ترتاح إليها النفس (فَادْعُوهُ بِها) يا أيها المؤمنون وقولوا يا الله الطف بنا ويا رزّاق ارزقنا ويا رحيم ارحمنا ويا غفور اغفر لنا (وَذَرُوا