وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨))
١٨٧ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها ...) أي : يستفهمون منك يا محمد عن الساعة : ساعة القيامة التي تتحدّث لهم عنها حين يحشرهم الله تعالى للحساب والثواب والعقاب ويقولون : (أَيَّانَ مُرْساها) متى موعدها؟ وأيّان معناه : متى ، وهو سؤال عن الزمان ، والإرساء الإثبات ، ورسا الشيء ثبت واستقر. فهم يسألونك عن الوقت الثابت المستقر لساعة البعث والحساب. والكاف في : يسألونك ، مفعول به أول ، وعن الساعة في موضع المفعول الثاني. والتقدير : يسألونك وقت الساعة ، قائلين : أيان مرساها ، أي منتهاها (قُلْ) يا محمد : (إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) أي علم وقت حدوثها وقيام القيامة عند الله سبحانه وتعالى لا يعرفه أحد غيره ولم يطلع عليه أحدا من عباده ليبقى الناس على حذر منه ، وذلك يخيفهم من سوء العاقبة ويدعوهم إلى الطاعة. فالساعة (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها) أي لا يظهرها ويبيّن وقتها ولا يأتي بها (إِلَّا هُوَ) سبحانه وتعالى فقد استأثر لنفسه بعلمها وبكل ما يواكبها (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ثقل علمها على أهلهما لأن الذي يخفى عليه سرّ شيء يكون إدراكه له ثقيلا عليه ، بعكس من يعلمه فإنه تكون خفيفة عليه معرفته. وقيل معناه : ثقل وقوعها على أهل السماوات والأرض ، وقيل : عظمت عليهم ، وقيل أيضا : إن السماوات والأرض لا تطيق حملها لشدّتها لما يصيبهما من الانشقاق والانفطار ، فهي (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) أي فجأة لتكون أشد هولا وإخافة يسألونك كأنك حفي بها أي كأنك عالم بها. والحفيّ لغة هو الذي يستقصي في السؤال حتى يكون محيطا بجميع نواحي ما سأل عنه. فهم يسألونك كأنك قد اطّلعت على وقت حدوثها وعرفت سائر تفصيلاتها ، أي كأنك معنيّ بالسؤال عنها فسألت عنها حتى علمتها ، ولذلك وصل السؤال ب : عن (قُلْ) يا محمد : (إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ)