ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥))
١٩٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ ...) أي أن ما تدعونه آلهة من دون الله كالأصنام وغيرها ، هي عباد مخلوقة مملوكة مثلكم. وقيل إنهم عباد لأنهم مسخّرون مذلّلون لأمر الله تعالى. فالأصنام والأوثان غير ممتنعة عن قدرة الله تعالى ، وهي بهذا المعنى كانت عبادا لله معبّدة موطّأة كالطرق المعبّدة الموطوءة ، وقوله تعالى : عبّدت بني إسرائيل ، أي ذلّلتهم وجعلتهم خدما وعبيدا (فَادْعُوهُمْ) أي اطلبوا منهم حاجاتكم ومهمّاتكم وكشف السوء عنكم (فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) أي فليجيبوا طلباتكم إذا قدروا عليها. وهذا تعجيز لعبدة الأصنام لأن الأصنام لا تستجيب. واللام هنا هي لام الأمر. فادعوهم أيها المشركون (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنها تنفع وتضر وتستجيب الدعاء وتثيب وتعاقب وتنصر وتذل. ثم استهزأ بأصنامهم ومعبوداتهم ، وفضّل الإنسان عليها فقال سبحانه :
١٩٥ ـ (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها ...) أي ليس يملكون أرجلا يمشون بها لمصالحكم ولما تدعونهم إليه (أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها) ومعنى البطش الأخذ بشدة والضرب بقسوة ، فليس لهم أيد يدفعون بها عنكم (أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها) ويرون الطائع من العاصي والعابد من المستهزئ بهم (أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) ويصغون إلى من يدعوهم وإلى من يسخر منهم؟ لا ، ليس لهم هذه الأعضاء ولا تلك الحواس ، والناس أفضل منهم ، فكيف يعبد المشركون من لا يستطيع الحركة والسمع ويفتقر إلى الحياة بكاملها؟ ف (قُلِ) يا محمد : (ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أي ادعوا هذه الأوثان التي تشركونها في أموالكم وضحاياكم ونذوركم (ثُمَّ كِيدُونِ) واستعملوا ما عندكم من تدبير وتعاونوا معهم على ذلك جميعكم (وَلا تُنْظِرُونِ) أي لا تؤخّروني ، فإن ربي ومعبودي ينصرني ويدفع عني كيد الكائدين ومكر الماكرين ، في حين أن معبودكم عاجز عن نصركم والدفاع عنكم ، فلا تمهلوني في الكيد فإن ربّي يردّ كيد الكافرين عني.
* * *