والآخرة (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي للذين يصدّقون دون غيرهم لأنهم هم الذين ينتفعون بهداه ويستفيدون من مواعظه. وفي هذه الآية الكريمة دلالة على أن أقوال رسول الله صلىاللهعليهوآله وأفعاله كانت تابعة للوحي لأنه كان : لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى.
* * *
(وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦))
٢٠٤ ـ (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ...) هذا أمر من الله تعالى للناس بالاستماع إلى القرآن عند تلاوته وبالإنصات والتفكر في معانيه. وقد اختلف المفسرون في الوقت الذي أمروا بالإنصات فيه ، فقيل إنه في الصلاة خاصة خلف الإمام كما عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام وابن عباس ومجاهد وغيرهم ، إذ كان المسلمون يتكلّمون في صلاتهم ويسلّم بعضهم على بعض. وقيل أمروا بالاستماع له في الخطبة والصلاة جميعا ، والأول أقوى. وفي العياشي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قرأ ابن الكوا خلف أمير المؤمنين : لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين ، فأنصت أمير المؤمنين عليهالسلام. وفي المجمع عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : الرجل يقرأ القرآن ، أيجب على من سمعه الإنصات له والاستماع؟ قال : نعم ، إذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع .. (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أي بأمل أن تصيبكم الرحمة بذلك لاعتباركم بمواعظة ولالتزامكم بأوامره.