بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨) قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠))
٥٧ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ ...) هذا خطاب وجّهه سبحانه لجميع الناس بعد ذكر الوعد والوعيد اللّذين حواهما القرآن الكريم ، ينبّههم فيه إلى أنه قد جاءتكم موعظة تخوّفكم من المعصية والعقاب وترغّبكم بالطاعة والثواب ، هي في هذا الكتاب الكريم وفي قول هذا الرسول العظيم (ص) جاءت (مِنْ رَبِّكُمْ) وهي طريق خلاصكم وصلاحكم (وَ) هي (شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) برء للنفوس تعافيها ممّا فيها من الجهل. وقد ذكر (الصُّدُورِ) لأنها تحوي القلوب والنفوس التي هي من أشرف ما في البدن ، فموعظته سبحانه شفاء للنفوس من الجهل ، وللقلوب من الغل (وَهُدىً) أي دلالة إلى طريق الحق (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي نعمة لمن أخذ بها وانتفع بما فيها. وجميل ما ذكره صاحب المجمع رحمهالله من أنه سبحانه وصف القرآن في هذه الآية بأربع صفات : بالموعظة ، والشفاء لما في الصدور ، وبالهدى ، والرحمة.
٥٨ ـ (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ ...) أي : قل يا محمد للناس : بإفضال الله وعطائه ونعمته (فَبِذلِكَ) دون غيره أي بفضله وبنعمته جلّ وعلا (فَلْيَفْرَحُوا) فليسرّوا ، فذلك (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) من حطام الدّنيا ، لأن ما في الدنيا يزول ، ما يمنّ به الله على عبده من الإيمان به وبنبيّه