قرأ الآية (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) أي أن تأديب الله للظالم بالهلاك موجع شديد الإيجاع.
١٠٣ ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ...) أي أن فيما قصصناه عليك يا محمد من إهلاك تلك الأقوام على وجه العقوبة على كفرهم ، لدلالة وعبرة عظيمة (لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ) : لمن خشي وحذر من العقاب في يوم القيامة ، لأن الذي يخاف هو الذي يتّعظ ويعود عن غيّه وضلاله (ذلِكَ يَوْمٌ) أي يوم القيامة (مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) محشور فيه الأوّلون والآخرون للحساب والثواب والعقاب (وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) يراه الخلائق جميعهم ويشهدونه من الجنّ والإنس والملائكة ، ولا يوصف ـ على الحقيقة ـ بهذه الصفة الشاملة غيره.
١٠٤ ـ (وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ...) : أي : وما نؤخّر يوم القيامة الا لوقت قد عينّاه وحتمنا وقوعه في وقت محدّد معيّن ، وهذا يدل على قربه لأنه سبحانه أشار إليه بالعد.
١٠٥ ـ (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ...) أي : حين يجيء يوم القيامة ترى الخلائق فيه صامتين ذاهلين لا يتكلّم أحد إلّا بإذن : رخصة من الله تبارك وتعالى ، والكلام الذي يؤذن به هو ما يكون للشفاعة ، فحتى الأولياء لا يتكلمون إلّا من بعد إذنه سبحانه. أما الجمع بين هذه ، وبين : يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ، وبين ولا يؤذن لهم فيعتذرون ، أو : فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ، أو : وقفوهم إنهم مسئولون ، وكل ما يبدو من اختلاف التعابير عن ذلك اليوم ، أمّا ذلك فيدل على اختلاف المواقف يوم القيامة ، في موقف يؤذن بالكلام لإتمام الحجة وليأخذ العدل مجراه ، وفي موقف لا يؤذن به إذ لا حجة لكافر جاحد مارق ولا فائدة من تبادل طرح ذنوب الكفار بعضهم على بعض (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) أي الناس يصيرون قسمين : الأشقياء المستحقّون للعقاب ، والسعداء الفائزون بنعيم الله ورضوانه.
* * *