على أنّ المصدر إذا أضيف دلّ على تحقّق معناه ، كما ذكره الجرجاني في دلائل الإعجاز ، وإذ أضيف إليه (حَقَ) دلّ على أنّهم وصفوه ولكن لا وصفا يحقّ له ويليق بساحة عظمته ، فله سبحانه وصف قصر فيه القاصرون ، إذ لم يتأدّبوا بأدب الله ، ولم ينساقوا حسب ما ساقهم كتاب الله كما قال في آخر هذه الآيات : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) ، وقال : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) (١) ، وهذا مع قوله سبحانه : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٢) ، وقوله : (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (٣) ، وقوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٤) ، وقوله : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) (٥) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنّه سبحانه أكبر من أن يوصف ببيان أو يقدّر بلسان ، يدلّ على أنّه سبحانه أرفع من أن يحدّ بتحديد وصف أو يقدر بتقدير بيان ، غير أنّه سبحانه جعل لنفسه نعوتا وأسماء إرفاقا بعباده وتسهيلا للأمر اليهم ، فأمرهم أن يدعوه بتلك الأسماء والصفات ، ويعبروا عنه بها لتكون وسيلة إلى إرتقائهم إلى ما يسقط دونه البيان ، وذريعة إلى بلوغهم ما لا يبلغه عقل ولا وهم ولا حسّ ، وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
وفي تفسير القمي : في الآية قال ـ عليهالسلام ـ : «لم يبلغوا من عظمة الله أن يصفوه بصفاته» (٦).
__________________
(١). الاعراف (٧) : ١٨٠.
(٢). الصافات (٣٧) : ١٥٩ ـ ١٦٠.
(٣). الاسراء (١٧) : ١١١.
(٤). الإخلاص (١١٢) : ١.
(٥). الرعد (١٣) : ٩.
(٦). تفسير القمّي ١ : ٢١٠.