في تفسير العياشي : عن أبي بصير عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ قال : قلت له : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) ، قال : «ما يقول أهل بلدك الذي أنت فيه» ، قال : قلت : يقولون مستقر في الرحم ، ومستودع في الصلب فقال : «كذبوا ، المستقرّ ، ما استقرّ الإيمان في قلبه فلا ينزع منه أبدا ، والمستودع الذي يستودع الإيمان زمانا ثم يسلبه ، وكان الزبير منهم» (١).
أقول : والروايات في هذا المعنى كثيرة ، وبنائها على كون المستقر والمستودع إسمي مكان ، والمعنى : فمنكم من هو محل استقرار الإيمان ، ومنكم من هو محل استيداعه ، وأما كونهما مصدرين أو كون المستقر بكسر القاف فبعيد من اللفظ ، يحتاج إلى تقدير أو تقريب ، ولذا كان تفسيرهما بالمستقر في الرحم والمستودع في الصلب بعيدا من اللفظ وإن فسر بذلك بعض المفسرين لاحتياجه إلى تقدير ، أي ذو استقرار وذو استيداع ، على أنّه كما أنّ الصلب مستودع بالنسبة إلى الرحم ، كذلك الرحم ليس مستقرا بالنسبة إلى الأرض وهكذا.
ولذلك احتمل بعض المفسرين أن يكون المعنى : فمستقر فوق الأرض ومستودع تحتها فزاد اشكالا ، وهو أنّ الأمر فيها فوق الأرض وما تحتها على خلاف ما ذكره ، مع أن ما مرّ من الإشكال على حاله.
وفي الكافي وتفسير العياشي : عن محمد بن مسلم عن أحدهما ـ عليهماالسلام ـ قال : سمعته يقول : «إنّ الله خلق خلقا للإيمان لا زوال له ، وخلق خلقا للكفر لا زوال له ، وخلق خلقا بين ذلك ، فاستودع بعضهم الإيمان ، فإن شاء أن يتمّه لهم أتمّه ، وإن شاء أن يسلبهم إيّاه سلبهم» (٢).
__________________
(١). تفسير العياشي ١ : ٣٧١ ، الحديث : ٦٩ ؛ بحار الأنوار ٦٩ : ٢٢٢ ، الحديث : ٨.
(٢). الكافي ٢ : ٤١٧ ، الحديث : ١ ؛ تفسير العياشي ١ : ٣٧٣ ، الحديث : ٧٦.