من ذلك أن الوجود لله سبحانه والاستناد للعبد ، فافهم ، وللكلام أطراف قد مرّ بعضها وسيجيء بعضها الآخر.
قوله : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)
وكل في أمره إلى فلان ، ويكل إليه أي اعتمد ، ووكّله في أمره توكيلا ووكالة أي جعله قائما مقام نفسه في تدبيره وإنفاذه وفعله ، ورجل وكل بفتحتين ووكلة تكلة مثال : لمزة وهمزة أي عاجز يكل أمره إلى غيره ويتّكل عليه والله تعالى هو القائم على كلّ شيء فيما يحتاج إليه في نفسه وفي غيره ، فهو الوكيل لكلّ شيء وعلى كلّ شيء ، غير أنّ الأدب العبودي يقتضي اسقاط قولنا لكلّ شيء عن اللفظ لما فيه من شائبة الإستعمال والإستعلاء ، (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (١) عزّت أسماؤه فهو على كلّ شيء وكيل.
قوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ)
البصر هو القوة المودعة في العين لتشخيص الضوء واللون ، وربّما سمّي به الآلة الباصرة تسمية للمحل بإسم الحالّ ، وربّما سمي به الإدراك الباطني من وهم أو عقل ، والبصر سواء أريد به القوة الظاهرة أو أريد به القوة الباطنة لا يجوز تعلقه به تعالى ، أما الظاهرة فلإحتياجها إلى جسم ذي كيفيّة ، سبحانه وتعالى عن الجسميّة ، وأمّا الباطنة فلإحتياجها إلى حدّ ، وهو سبحانه بريء عن الحدود ، فالله سبحانه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار.
__________________
(١). الاعراف (٧) : ١٨٠.