وجوه من الأشكال فلا بدّ من تأويلها إن أمكن ، وإلّا فطرحها أو حملها على التقية (١) ، إنتهى.
أقول : قد عرفت الكلام في معنى تجسم الأعمال في تفسير سورة البقرة وأنّها صور موجودة مع الإنسان في هذه الدنيا في باطن الأمر ، والذي ليوم القيامة إظهار ما في الباطن وكشف الغطاء ، ونظام الباطن غير النظام الذي تقتضيه القوى الطبيعية من جذب ودفع ، وهو الثقل والخفة وتدريج في الكون ، والفساد والفعل والإنفعال ، فلا معنى لاتّصاف كمال معنوي وهو العمل الصالح مثلا بصفة طبيعي كتأثير جاذبة الأرض وغيرها وهو واضح.
وأمّا أنّ فيه إظهار غاية العدل وتهويل العاصي وتبشير المطيع ، ففيه أنّ العدل إنّما يقتضي تقدير كل شيء بما يقتضيه من المقدار بحسب نفسه وحقيقته لا جزافا ، والعمل إذا لم يكن في نفسه مقتضيا لثقل ولا خفة كان تخصيص بعضها بالثقل وبعضها بالخفة تخصيصا جزافيا لا لمقتضى العدل كما عرفت.
فإن قلت : كفى حكمة فيه أن يتفرع عليه تهويل العاصي وتبشير المطيع.
قلت : لا يخرج الأمر بذلك عن الجزاف ، فإنّ الإنذار والتبشير لا يقعان بالخفة والثقل ، بل تكون الخفّة علامة الخسران والثقل علامة الفلاح ، فالجزاف باق بعد ؛ لإمكان أن يجعل الخفة للحسنة ، ثم يجعل خفة الميزان علامة للفلاح والثقل للسيئة ثم يجعل علامة الخسران ، فليس الأمر إلّا دائرا مدار الارتباطات الحقيقية دون الجزافية.
وفي التوحيد : عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في الآية : يعني إنّ (٢)
__________________
(١). راجع : الميزان في تفسير القرآن ٨ : ١٦.
(٢). وفي المصدر : ـ «إنّ»