هُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥)]
قوله سبحانه : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ).
استيناف وصورة قصّة فيه بيان علل الآية السابقة وتنتهي القصة عند قوله تعالى : (فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ) ، فينطبق على الآية السابقة : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) ، ولذلك كلّه ابتدأ بلام القسم في قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ) ، ولذلك أيضا ضمّ فيها قصة جنّة آدم إلى قصة السجدة ، قصة واحدة من غير فصل ، وقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ) خطاب لجميع بني آدم ، وهو خطاب في مجرى الامتنان ، أو مجرى العتبى والشكوى بقرينة الآية السابقة ، وعلى هذا فالإنتقال في الخطاب من العموم الى الخصوص في قوله : (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) ، يفيد حقيقتين :
الحقيقة الأولى : إنّ السجدة كانت من الملائكة لجميع بني آدم ، وإنّما كان آدم خصّ بذلك بالنيابة منابهم كالقبلة من بين الجهات والأمكنة ، كما إنّ دخوله الجنة أيضا كان كذلك استقلالا من نفسه ونيابة عن ولده ، ويمكن استفادة ذلك :
أولا : من قصة الخلافة الواقعة في سورة البقرة ، فإنّ المستفاد من الآيات