الواردة هناك أن الأمر بالسجود متفرّع على خلافة آدم ، والخلافة المذكورة فيها ـ كما استفدنا هناك ـ غير مختص بآدم ؛ بل جار في جميع الإنسان ، فالسجدة أيضا للجميع.
وثانيا : إنّ ابليس تعرّض بهم ابتداءا من غير توسيط آدم ولا تخصيصه ـ عليهالسلام ـ حين قال : (فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) ، من غير سبق ذكر لبني آدم ، وقد ورد نظيره في سورة الحجر ، قال تعالى : (قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (١) ، وفي سورة (ص) قال تعالى : (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٢) ، ولو لا أنّ الجميع مسجودون للملائكة لم يستقم هذه النقمة من إبليس إبتداءا ، كما لا يخفى.
وثالثا : إنّ الخطابات التي خاطب الله سبحانه بها آدم وزوجته عند الأمر بالهبوط في سائر موارد القصّة كسورة البقرة وسورة طه عمّمها بعينها في هذه السورة لجميع بنيه ، قال تعالى : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) (٣)
والحقيقة الثانية : إنّ خلق آدم ـ عليهالسلام ـ كان خلقا للجميع كما يدلّ عليه قوله سبحانه في سورة الم السجدة (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٤) ، وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) (٥).
__________________
(١). الحجر (١٥) : ٣٩.
(٢). ص (٣٨) : ٨٢.
(٣). البقرة (٢) : ٣٨.
(٤). السجدة (٣٢) : ٧ ـ ٨.
(٥). غافر (٤٠) : ٦٧.