وقوله سبحانه : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ)
يريد ما منعك أن تسجد ، كما وقع في سورة (ص) ، ولذا قيل : إنّ (لا) زائدة للتأكيد ، كما في قوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) (١) ، ومن المحتمل أن يكون قوله : (مَنَعَكَ). مضمّنا معنى حملك أو معنى دعاك ، أي ما حملك على أن لا تسجد ، أو ما دعاك إلى أن لا تسجد.
وقوله سبحانه : (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ)
أوّل معصيته لعنه الله ، وهي أول معصية ، وقوله عنوان فعله ، وجميع المعاصي عند التحليل يرجع إلى دعوى الأنانية ، وسيجيء توضيحه ، ولم يأت سبحانه بجواب دعواه الخيرية ، فإنّه مفروغ عنه ، فإنّ ابتداء القصة قوله للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٢) ، وقد بان في ذلك فضل آدم كلّ البيان والظهور.
وقوله : (مِنَ الصَّاغِرِينَ)
من الصغار وهو الإهانة والمذلّة.
وقوله سبحانه : (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)
استنظر إلى يوم القيامة ، فأجيب إلى اصل الفطرة ولم يجب إلى يوم القيامة بدليل قوله تعالى في سورتي الحجر وص : (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (٣) ويدلّ ذلك على أنّه كان في قوته أن يستمرّ على إغوائه في البرزخ
__________________
(١). الحديد (٥٧) : ٢٩.
(٢). البقرة (٢) : ٣٠.
(٣). الحجر (١٥) : ٣٧ ـ ٣٨.