أقول : والحديث مروي من طرق العامة أبسط من ذلك ، والأخبار في أنحاء إغواءاته وأقسام تزييناته عند أنواع المعاصي كثيرة ، والجميع تشهد بأنّها تشكلات مثالية على حسب ما يلائم نوع المعصية من الشكل والكيفيّة ، نظير ما تتمثّل الحوادث في الرؤيا على حسب المناسبات المألوفة والاعتقادات المعتادة.
ومن هذا القسم يتبيّن أنّ الكيفيّات والخصوصيّات الواردة في القسم الأوّل من الأخبار ؛ إنّما هي أنواع نسب تكون بين هذا الموجود وبين الأشياء تدعو إلى وساوس وخطرات تناسبها ، والله اعلم (١).
وفي المجمع : ن الباقر ـ عليهالسلام ـ : (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) : «معناه اهوّن عليهم أمر الآخرة ، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) ، آمرهم بجمع الأموال والبخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم ، (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ) ، أفسد عليهم أمر دينهم بتزيين الضلالة وتحسين الشبهة ، (وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) بتحبيب اللذات عليهم (٢) وتغليب الشهوات على عقولهم» (٣) (٤).
أقول : وقد تبيّن معنى الرواية فيما مرّ والقرآن يخصّ اليمين بالأمور المسعودة والشمال بالأمور المشؤومة المنحوسة.
قوله سبحانه : (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ)
خصّ (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) ، بلفظة : (مِنْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ
__________________
(١). في المخطوط بعده «تمت الحاشية».
(٢). في المصدر : «إليهم»
(٣). في المصدر : «قلوبهم»
(٤). مجمع البيان ٤ : ٢٢٨.