(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (١) ، وقوله [تعالى] : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) (٢) وقد صحّ عن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ على ما اتفق على روايته الفريقان أنّه قال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «القدريّة مجوس هذه الأمة» (٣) ، وسيجيء الكلام فيه في سورة الحجر إن شاء الله تعالى.
ومنها : ما يدلّ على استناد السعادة والشقاوة إلى أصل الخلقة ، وهذه أيضا مختلفة :
فمنها : ما تدلّ على اجمال الأمر ، وأنّ الله خلقهم حين خلقهم مؤمنا وكافرا وسعيدا وشقيا كقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (٤) ، وقوله تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) (٥) ، إلى غير ذلك ، وسيجيء بيان دلالتها عليه وربّما يتوّهم أنّ الآيات دالة على السعادة والشقاوة الذاتيتين ، بمعنى دخول السعادة والشقاوة في حدّ النوع الإنساني ، أو كونهما من لوازم ماهيّته كالزوجية للأربعة ، فممّا لا ينبغي توهّمه لاستلزامه إثبات ملك دون ملك الله ، ولا يلائم ذلك مسلك القرآن في حصر الملك في الله سبحانه حقيقة ، على أنّ ذلك يوجب اختلال نظام العقل في جميع ما يبنى عليه العقلاء في أمورهم ويوجب لغوية تشريع الشرائع وإنزال الكتب وإرسال الرسل ، ولا معنى لإتمام الحجة في الذاتيّات بأي معنى لصوّرناه ، فما ورد في هذا المعنى من الآيات إنّما يسند
__________________
(١). القمر (٥٤) : ٤٩.
(٢). الأعلى (٨٧) : ٢ ـ ٣.
(٣). عوالي اللئالي ١ : ١٦٦ ، الحديث : ١٧٥.
(٤). التغابن (٦٤) : ٢.
(٥). النجم (٥٣) : ٣٢.