من نور مبتدع ، من نور سنخ (١) ذلك النور في طينة من أعلا عليّين ، وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلق منه أبداننا ، وخلق أبدانهم من طينة دون ذلك فقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه ، ثم قرأ : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ* وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ* كِتابٌ مَرْقُومٌ* يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (٢) ، وإنّ الله تبارك وتعالى خلق قلوب أعدائنا من طينة من سجين ، وخلق أبدانهم من دون ذلك (٣) ، وخلق قلوب شيعتهم ممّا خلق منه أبدانهم ، فقلوبهم تهوي إليهم ثم قرأ : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ* وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ* كِتابٌ مَرْقُومٌ* وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)» (٤) (٥).
أقول : وفي هذا المعنى بعض روايات أخر ، وفي كون النور أصلا لخلقة عدّة من المخلوقات ، كالأنبياء والأولياء ، والعرش والكرسي ، والملائكة والجنة ، وغيرها أخبار أخر كثيرة قد مرّ بعضها ، وسيجيء نقل بعض آخر.
وإذا كان وجود الشيء بحيث يظهر له الحقّ ولا يختلط دونه حجاب الجعل وستر الباطل فهو نور بلسان القرآن ، وعلى هذا فإذا كان شيء أو إنسان مخلوقا ممّا لا تفارقه السعادة ، ويلازمه انكشاف المعارف الحقّة الإلهيّة فهو مخلوق من نور ، وإلّا فهو مخلوق من ظلمة ، فيرجع هذا الوجه من البيان من حيث المعنى إلى الوجوه السابقة ، والكلام فيه هو الكلام فيها.
ومن الوجوه المذكورة ما تدلّ على لحوق حسنات الأشقياء يوم القيامة إلى
__________________
(١). في المصدر : «رسخ»
(٢). المطفّفين (٨٣) : ١٨ ـ ٢١.
(٣). في المصدر : «من طينة من دون ذلك»
(٤). المطفّفين (٨٣) : ٧ ـ ١٠.
(٥). علل الشرائع ١ : ١١٧ ، الحديث : ١٤.