وما حكم الملكوت ، قال : «حكم الله و (١) حكم انبيائه ، وقصة الخضر وموسى ـ عليهالسلام ـ حين استصحبه فقال [تعالى] : (قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) (٢) ، إفهم يا إبراهيم واعقل انكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله حتى قال له الخضر : يا موسى ما فعلته عن أمري ، و (٣) إنما فعلته عن أمر الله عزوجل» (٤) ، الحديث.
أقول : وإذا كان كل شيء عوده إلى بدئه ، وكان معاد الناس إلى السعادة والشقاوة كانتا هما الأصل في الخلقة ، فالناس بحسب أصل الخلقة مختلفون بالسعادة والشقاوة ، فيرجع هذا الوجه من البيان إلى الوجه الحاكي عن كون الإنسان خلق حين خلق سعيدا وشقيّا ، وقوله ـ عليهالسلام ـ : «هذا والله القضاء الفاصل» إلى آخره.
هذا مع كونه بحسب بادىء النظر خلاف العدل مبني على ما نحكم به بالضرورة من وجوب المناسبة والسنخية بين الفعل وفاعله ، فالواجب هو أن يقضي بأنّ كلّ فعل إنّما يملكه ما يناسبه في ذاته ، لا ما لا يناسبه وإن كان قضاء العادة المرسومة على خلافه ، فالفعل من حيث كونه حركات كذا وسكنات كذا فهو للموضوع الذي يتحرّك ويسكن بها ، ومن حيث كونه معنى من المعاني سعادة أو شقاوة فإنّما هو مملوك لذات سعيدة أو شقيّة يناسبه في وصفه.
فعلى هذا تكون الحسنات للمحسنين ذاتا ، والسعداء جوهرا ، والسيئات
__________________
(١). في المصدر : ـ «و»
(٢). الكهف (١٨) : ٦٧ ـ ٦٨.
(٣). في المصدر : ـ «و»
(٤). علل الشرائع ٢ : ٦٠٩ ، الحديث : ٨١.