قوله [سبحانه] : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ)
الفاحشة : ما غلظ من الفجور واشتدّ شناعته ، كالزنا وقتل النفس المحترمة ، والإثم : هو الذنب غير أنّ الظاهر من استعمالاته أنّه التفريط فيما يجب رعايته ، ومن استعمالاته : أثمت الناقة ، إذا أبطأت في سيرها ، فكأنّه الذنب غير المتعدّي إلى الغير ، والبغي : هو التعدّي عن الحدّ ، ومنه : البغي بمعنى الظلم ، كأنّه تعدّى الإنسان عن حدّ نفسه إلى الغير ، فعلى هذا فالفواحش هي الذنوب البالغة في القباحة مطلقا ، والإثم : هو ذنب الإنسان بتفريطه في ذات نفسه ، والبغي : هو ذنبه بإفراطه او تعدّيه إلى الغير ، وهذه أصناف ثلاثة كلّها في مقام الفعل ، والشرك والقول بغير علم كلاهما ذنب في القول ، في التوحيد أو غيره.
وقوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ)
قيد للبغي ، جيء به ـ مع كون البغي دائما بغير حق ـ للإشعار بالعلّية ونظيره قوله [تعالى] : (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) ، وإنّما لم يؤت بنظيره في الفواحش والإثم لكون لفظيهما بمفهوميهما كافية في ذلك.
وقوله : (وَأَنْ تُشْرِكُوا)
جيء ب : (أن) المصدريّة دون أن يقال : وشرككم ، لأنّ المصدر المضاف إلى الفاعل يشعر بالوقوع ، ولا يناسب ذلك مقام التشريع ، كما في نظائره كقوله : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) (١).
__________________
(١). البقرة (٢) : ١٨٤.