الخوف والحزن وهو ظاهر.
وقوله تعالى : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)
إدخال في الجنة وإعطاء الأمن ، ولم تثبت هاتان الخصلتان في القرآن لأحد غير أصحاب الأعراف ، وهما وإن كانا كالشفاعة غير أنّهما أعلى منزلة من نفس الشفاعة ، إذ قد عرفت سابقا أنّ الشفاعة تقريب للمسبب إلى السبب ، وهذا أنزل مرتبة من السببيّة التامة ، والسببيّة والأمر يومئذ لله سبحانه وحده ، فهذا الأمر والسببيّة منهم هو عين أمر الله وحكمه.
وبما مرّ يظهر معنى ما ورد من الروايات في المقام.
ففي الجوامع : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : «الأعراف كثبان بين الجنة والنّار يوقف عليها كلّ نبيّ وكلّ خليفة تبّي مع المذنبين من أهل زمانه ، كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده ، وقد سبق المحسنون إلى الجنة ، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين والواقفين معه ، انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سبقوا إلى الجنة فيسلّم عليهم المذنبون ، وهو قوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) ، أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي والإمام ، وينظر هؤلاء (١) إلى أهل النار فيقولون : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ، وينادي أصحاب الأعراف وهم الانبياء والخلفاء رجالا من أهل النار ورؤساء الكفار يقولون لهم مقرعين : ما أغنى عنكم جمعكم واستكباركم (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) ، إشارة لهم إلى أهل الجنة الذين كان الرؤساء يستضعفونهم ويحتقرونهم بفقرهم ويستطيلون عليهم بدنياهم ، ويقسمون أنّ الله لا يدخلهم
__________________
(١). في المصدر : + «المذنبون»