والأوصياء من بعدك اعراف بين الجنّة والنّار لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكركم وأنكرتموه (١).
أقول : وفي هذا المعنى روايات أخر ، وهي تؤيّد ما مرّ أنّ الأعراف من العرفان ، فإنّ الارتفاع النتوّ من الأرض ، حيث كان يتعرّف به حال ما حوله ، سمّي عرفا ، ثمّ أطلق وسمّى كلّ نتوّ عرفا ، كعرف الدابة وعرف الديك وعرف الحجاب ، وحيث كانت هذه الأعراف مقاما من مقامات الكمال يوم القيامة يتعرّف به حال الفريقين ، كما أنّ الميزان والكتاب كذلك كانت الرجال الذين على الأعراف هم الأعراف باعتبار آخر ، وهو المراد بقوله ـ صلىاللهعليهوآله ـ أعراف بين الجنة والنار.
وفي الكافي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : «جاء ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ ، فقال : يا أمير المؤمنين! (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) ، فقال : نحن على الأعراف ، ونحن نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذين (٢) ، لا يعرف الله عزوجل إلّا بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يوقفنا (٣) الله عزوجل يوم القيامة على الصراط ، فلا يدخل الجنة إلّا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكرنا وأنكرناه ، إنّ الله تبارك وتعالى لو شاء عرّف الناس (٤) نفسه حتى يعرفوا حدّه ويأتوه من بابه (٥) ،
__________________
(١). تفسير العياشي ٢ : ١٨ ، الحديث : ٤٤.
(٢). في المصدر : «الذي»
(٣). في المصدر : «يعرفنا»
(٤). في المصدر : «لعرف العباد»
(٥). في المصدر : ـ «حتى يعرفوا حدّه ويأتوه من بابه»