متفرد (١) ، عن (٢) الكرسي ؛ لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان وهما في الغيب مقرونان ؛ لأنّ الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ، ومنها (٣) الاشياء كلّها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحدّ والأين والمشيّئة وصفة الإرادة وعلم الالفاظ والحركات والترك وعلم العود والبدء ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لأنّ ملك العرش سوى ملك الكرسي وعلمه أغيب من علم الكرسي.
فمن ذلك قال : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (٤) ، أي صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان ، قلت : جعلت فداك ، فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال ـ عليهالسلام ـ : «إنّه صار جاره لأنّ علم الكيفوفيّة فيه ، وفيه الظاهر من أبواب البداء وإنّيتها ، وحدّ رتقها وفتقها ، فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الصرف وبمثل صرف العلماء وليستدلّوا على صدق دعواهما ، لأنّه يختصّ برحمته من يشاء وهو القوىّ العزيز (٥) ، [الحديث].
أقول : قوله : إنّ للعرش صفات كثيرة إلى آخره ، يؤيّده ما ذكرناه أنّ العرش مثل مضروب لبيان اجتماع أزمّة تدابير الموجودات ، ويؤيّده ما في آخره من قوله : «وبمثل صرف العلماء» ، وقوله ـ عليهالسلام ـ : «وهذا علم الكيفوفية في الأشياء» ، المراد به علم العلل العالية والأسباب القصوى للموجودات ، فإنّ لفظ (كيف) كما يسئل به عرفا عن العرض المسمى اصطلاحا ب : الكيف ، كذلك يسئل
__________________
(١). في نسخة : «مفرد»
(٢). في المصدر : «من»
(٣). في المصدر : «منه»
(٤). التوبة (٩) : ١٢٩.
(٥). التوحيد : ٣٢١ ـ ٣٢٣ ، الحديث : ١.