يؤيّد ما ذكرناه من أنّه مقام اجتماع التدابير واتّحاد أزمّتها ، فإنّ الملائكة عاملون بالأمر ، حاملون للتدبير ، وسائط بين المشيّة الربّانية والخلق ، وقال سبحانه : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) (١) ، وقال تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) (٢) ، كلّ ذلك يؤيد ما قدّمناه ، وإلى ما ذكرناه يشير عدّة من أخبار أئمة أهل البيت [عليهمالسلام].
ففي التوحيد : عن سلمان الفارسي فيما أجاب به علي ـ عليهالسلام ـ الجاثليق فقال علي ـ عليهالسلام ـ : «إنّ الملائكة تحمل العرش ، وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ، ولكنّه شيء محدود مخلوق مدبّر ، وربّك مالكه ، لا أنّه عليه ككون الشيء على الشيء» (٣).
أقول : وقد ظهر معناها بما قدّمناه.
وفي التوحيد : أيضا عن حنّان بن سدير قال : سألت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ عن العرش والكرسيّ فقال : «إنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة له في كلّ سبب وضع في القرآن صفة عليحدة فقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (٤) يقول : ربّ (٥) الملك العظيم ، وقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٦) يقول : على الملك احتوى ، وهذا علم الكيفوفية في الأشياء (٧) ، ثمّ العرش في الوصل
__________________
(١). غافر (٤٠) : ٧.
(٢). الحاقّة (٦٩) : ١٧.
(٣). التوحيد : ٣١٦ ، الحديث : ٣.
(٤). التوبة (٩) : ١٢٩.
(٥). في المصدر : ـ «ربّ»
(٦). طه (٢٠) : ٥.
(٧). في المصدر : «ملك الكيفوفية الأشياء»