ذاك (١) وقلت : إنّه يحمل العرش والسموات والأرض؟ فقال أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : إنّ العرش خلقه الله تبارك وتعالى من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرّت الحمرة ، ونور أخضر منه اخضرّت الخضرة ، نور أصفر منه اصفرّت الصفرة ، ونور ابيض منه أبيضّ البياض ، وهو العلم الذي حمّله الله الحملة ، وذلك نور من نور (٢) عظمته فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداة الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السموات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المتشتّتة ، فكلّ شيء محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته ، لا يستطيع لنفسه ضرّا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فكلّ شيء محمول والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شيء ، وهو حياة كل شيء ، ونور كل شيء سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
قال له : فأخبرني عن الله عزوجل أين هو؟ فقال أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : هو هاهنا وهاهنا ، وفوق وتحت ، ومحيط بنا ومعنا ، وهو قوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) (٣) ، فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (٤) ، وذلك قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُ
__________________
(١). في المصدر : «فكيف قال ذلك»
(٢). في المصدر : ـ «من نور»
(٣). المجادلة (٥٨) : ٧.
(٤). طه (٢٠) : ٧.