الْعَظِيمُ) (١) ، فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حمّلهم الله علمه ، وليس يخرج من هذه الأربعة شيء خلق الله في ملكوته ، وهو الملكوت الذي أراه الله أصفيائه وأراه خليفه ، فقال : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٢) وكيف يحمل حملة العرش ، الله! وبحياته حييت قلوبهم ، وبنوره اهتدوا إلى معرفته ، الخبر (٣).
أقول : قوله : «أخبرني عن الله عزوجل يحمل العرش أو العرش يحمله» ، ظاهره أنّه أخذ الحمل بمعنى حمل الجسم للجسم ، وقوله ـ عليهالسلام ـ : الله حامل العرش والسماوات إلى آخره ، تفسير للحمل بمعنى حمل الوجود ، وهو قيام وجودها به سبحانه قياما تبعيّا محضا غير استقلالي ، فينتج أنّه تعالى هو الحامل دون العكس ، ولذلك لمّا سمع الجاثليق ذلك سأله عن قوله تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ) (٤) ، فإنّ حمل الوجود يختص به سبحانه لا يشاركه فيه غيره ، مع أنّه نسبه إلى غيره تعالى ففسّر ـ عليهالسلام ـ الحمل ثانيا بحمل العلم والعرش بالعلم ، غير أنّ ذلك حيث كان يوهم المناقضة بين التفسيرين ، زاد في توضيح ما ذكره ـ أن العرش هو العلم ـ بأنّ هذا العلم غير ما هو المتبادر من العلم الحصولي بواسطة الصور النفسانية ، بل هو نور عظمته وقدرته حضرت لهؤلاء الحملة فسمّى ذلك حملا ، وهو مع ذلك محمول له تعالى ولا منافاة ، كما أنّ وجود أفعالنا حاضر عندنا محمول لنا وهو مع ذلك حاضر عند الله ومحمول له
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢٥٥.
(٢). الأنعام (٦) : ٧٥.
(٣). الكافي ١ : ١٢٩ ـ ١٣٠ ، الحديث : ١.
(٤). الحاقه (٦٩) : ١٧.