شيء وهو ما به سير وجوده ، فهي لا تملك لنفسه شيئا ابدا بل المالك والحامل هو سبحانه ، وهي مملوكة صرفة ومحمولة محضة من غير استقلال.
وقوله ـ عليهالسلام ـ : «هو هاهنا وهاهنا» ، يريد ـ عليهالسلام ـ : أنّه سبحانه لمّا كان مقوّما لوجود كلّ شيء وحاملا له فمعنى كونه في مكان أو مع شيء ذي مكان هو أنّه محيط به حافظ لوجوده ، ووجود كل شيء حاضر عنده محاط له ، فيؤول إلى علمه الفعلي بالأشياء ، ولذلك قال ـ عليهالسلام ـ : أولا «فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى» ، فأشار إلى الإحاطة ثم عقّبه بقوله : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (١) ، فأشار إلى العلم فأنتج ذلك أنّ الكرسي ـ ويعنى ـ عليهالسلام ـ به العرش ـ مقام الإحاطة والتدبير والحفظ ، وأنّه مقام العلم والحضور بعينه ، ثم طبّقه على قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (٢).
وقوله ـ عليهالسلام ـ : «وليس يخرج من هذه الأربعة شيء خلق الله في ملكوته ، كأنّه أشار به الألوان الأربعة المذكورة في أوّل الكلام وسيجيء إن شاء الله الكلام فيها فيما سيجيء.
قوله [ـ عليهالسلام ـ] : «وهو الملكوت الذي أراه الله أصفيائه» ، يستفاد ذلك من ذيل آية السخرة (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) ، كما سيأتي ، فالعرش هو الملكوت ، غير أن الملكوت قسمان : أعلى وأسفل ، والعرش لكونه مقام الإجمال وباطن البابين من الغيب كما سبق ذكره في الرواية السابقة ينبغي أن يكون هو الملكوت الأعلى.
__________________
(١). طه (٢٠) : ٧.
(٢). البقرة (٢) : ٢٥٥.