وحاشا مقام النبي المرسل ـ أحد أولي العزم الخمسة الذين هم سادة الأنبياء وحملة التوحيد عن الجهل والإقتراح ، إنّما كان يسأل الرؤية التي سيرزقه أهل الجنة من النظر إلى الله تعالى دون الرؤية المتعلقة بالأضواء والألوان على الأجسام ، وعلى ما مرّ يدل بعض الروايات.
ففي التوحيد : عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في حديث : وسأل موسى وجرى على لسانه من حمد الله عزوجل : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) ، فكانت مسألته تلك أمرا عظيما ، وسأل امرا جسيما فعوتب فقال الله عزوجل : (لَنْ تَرانِي) في الدنيا حتى تموت فتراني في الآخرة ، ولكن إن أردت أن تراني في الدنيا ف (انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) ، فأبدا الله بعض آياته وتجلّى ربّنا للجبل فتقطّع الجبل فصار رميما (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) ، ثم أحياه الله وبعثه فقال : (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) ، يعني أوّل من آمن بك منهم بأنّه لا يراك (١).
أقول : وقد اتضح معنى الحديث في الجملة بما مرّ والأخبار في إثبات هذه الرؤية والمشاهدة كثيرة.
فعن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : «ما رأيت شيئا إلّا ورأيت الله قبله» (٢).
وفي النهج : عنه ـ عليهالسلام ـ : «لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان» (٣).
__________________
(١). التوحيد : ٢٦١ الحديث : ٥.
(٢). مفتاح الفلاح : ٣٦٧ ؛ مشرق الشمسين : ٤٠٢ ؛ شرح الأسماء الحسنى ١ : ٤.
(٣). نهج البلاغة : ٢٥٨ ، الخطبة : ١٧٩ ؛ وفي المصدر : «لم تدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان».