يلده فلم يبق واحد منهم إلّا انفصل عن والديه ، ولو قال تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم [ذريّتهم] أو نشرهم أو ما يشبهه لم يفد ذلك.
وقوله تعالى : (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ)
الاشهاد على الشيء : إحضار الشاهد عنده واراءته حقيقته ليتحمّله ، فإشهادهم على أنفسهم إراءتهم حقيقة أنفسهم.
وقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)
عطف بيان ، وهو الذي أشهد عليه ، فإشهاد على أنفسهم هو إشهاد على أنّه ربّهم ، فمشاهدتهم أنفسهم كانت مشاهدة أنّ الله ربّهم.
وقوله : (قالُوا بَلى شَهِدْنا)
اعتراف منهم بأنّ مشاهدة أنفسهم أوجبت مشاهدة أنّه ربّهم ، أو أنّه هو بنحو من العناية ، ولذا قيل : إنّ الآية تشير إلى ما يشاهده كلّ انسان في حياته الدنيا أنّه محتاج في جميع جهات حياته من وجوده ، وكلّ ما يرتبط بوجوده من اللوازم.
فيؤول معنى الآية إلى أنّا نشرنا بني آدم وفرّقناهم في هذه الدنيا وجعلناهم مفتقرين محتاجين في جهات الحياة وأوقفناهم على احتياجهم ، وأنّهم مربوبون فاعترفوا بذلك فيكون قولهم : (بَلى شَهِدْنا) ، من قبيل لسان الحال ، أو من قبيل إسناد القول باللازم إلى من يقول بملزومه ، والفرق بين لسان الحال والقول بلازم القول ؛
أنّ الأوّل : إنكشاف المعنى عن القائل لاتّصافه بحال من الأحوال سواء شعر