به أو لم يشعر كما يدلّ آثار الأبنية الخربة على حال ساكنيها وغرور الدنيا بهم ولعب الدهر بشملهم ، وكما يدلّ سيما المسكين البائس على سؤاله ما يسدّ به فاقته.
والثاني : انكشاف المعنى عن القائل لإذعانه بما يستلزمه او تكلّمه بما يدلّ عليه بالإلتزام.
وكيف كان ، فقوله : (أَنْ تَقُولُوا) ، من باب حذف المضاف ، والتقدير : كراهة أن تقولوا ، وهو شائع ، فيدلّ على أن الأخذ والإشهاد المذكورين كان الغرض منهما إبطال حجتين لكم وهما ما يشتمل عليه قوله : (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ* أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) ، أي كراهة (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا) ، أي عن احتياج أنفسنا وإيجاب الإحتياج وجود ربّ محتاج إليه (غافِلِينَ) ، (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً) لهم (مِنْ بَعْدِهِمْ) ، فتبعناهم في شركهم ، فالمبطلون المستقلّون فيه هم آبائنا ، (أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ) ، غيرنا.
هذا غاية ما يمكن في تقريب قول المفسرين في الآيتين والآيتان مع ذلك عجيبتا النظم لا يساعد نظمهما على ذلك ، فإنّ الحجّتين إنّما عطفت إحداهما على الأخرى ب (أو) الترديدية ، ومقتضى ذلك كون كلّ واحدة منهما حجة مستقلة دون الأخرى ، مع أنّ الغفلة حجة مستقلة في إسقاط العذاب ، ولكن التبعية في الولادة ليست بحجة وحدها مع فرض عدم الغفلة على أنّ الحجة الثانية لا تستقيم في نفسها أيضا.
بيان ذلك : أنّ التعليل بقوله : (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ).
وإن شئت قلت : سقوط الحجتين إمّا متفرّع على مجموع أخذ الذرّيّة