والسنّة في تفضيل العالم على العابد يشمل ذلك ، وسيأتي الكلام في ذلك فيما يناسبه من المحل.
قوله سبحانه : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)
تقديم المسند على المسند إليه يفيد الحصر ، ودخول اللام على الجمع يفيد ـ بحسب الإطلاق ـ الإستغراق والعموم ، كما يفيد ما ورد في كلامه تعالى من نظائر هذه الجملة كقوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (١) ، وقوله : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٢) ، وقوله : (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣) ، إلى غير ذلك.
وبالجملة ، فيفيد أنّ كلّ اسم أحسن فهو لله تبارك وتعالى ليس لغيره ، وقد مرّ الكلام في معنى الحسن عند قوله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) (٤) ، الآية من سورة النساء وإذ كان الذي له الإسم الأحسن بصيغة التفضيل دون مطلق الإسم الحسن ، فأسماؤه تعالى هي الأسماء التي كانت جهة الحسن والكمال فيها غالبة على جهة النقص ، هذا بحسب المفهوم ، وأمّا من جهة المصداق فقد قال تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٥) ، وقال : (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (٦) ، فأفاد أنّ ما وقع عليه اسم شيء فهو من حيث إنّه شيء مخلوق ، كما
__________________
(١). طه (٢٠) : ٨.
(٢). الإسراء (١٧) : ١١٠.
(٣). الحشر (٥٩) : ٢٤.
(٤). النساء (٤) : ٧٩.
(٥). غافر (٤٠) : ٦٢.
(٦). الأنعام (٦) : ١٠١.