أقول : ظاهر الحديث أنّ الله سبحانه حيث لا يحاط به علما فلا يوصف بشيء يدركه العقل من أوصافه إلّا بما وصف به نفسه ، وهذه هي المسأله المعروفة أنّ أسماء الله تعالى توقيفيّة ويمكن تفسيرها ب : أحد وجهين :
أحدهما : إنّ عامة العقول حيث إنّها قاصرة عن نيل المعارف الإلهيّة الحقّة ـ على ما هي عليها تفصيلا ـ إلّا النادر من العقول السليمة عن غواشي الأوهام المتدرّبة بالمعارف الحقيقيّة لم يؤمن من توصيفه تعالى بها بما لا يليق بساحة قدسه وكبرياء ذاته ، فكان القول فيه بما تدركه هذه العقول قولا بغير علم الممنوع عقلا وشرعا كما قال سبحانه : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١) ، ولهذا ورد التوقيف الشرعي.
إلّا أنّ التوصيف الكلامي لا يخلو نوعا عن قرائن تصحّح المعنى وتجرّده عمّا لا يليق بجلاله تعالى ، بخلاف التسمية فإنّها مطلقة لا قرينة معها ، ففرق بين أن نسمّيه تعالى : (مضّلا) كما يسمّى : (بالرحمان) ، وبين أن يقال : يهدي به من يشاء ويضل من يشاء (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) (٢).
وكذا فرق بين أن يسمّى بالرامي وأن يقال : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (٣) وأن يسمّى مهلكا وأن يقال : (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) (٤) ، وهكذا.
ولهذا حكم الشرع حكما كليّا بتوقيفيّة الأسماء دون التوصيفات على قرائن التنزيه.
__________________
(١). النحل (١٦) : ٧٤.
(٢). البقرة (٢) : ٢٦.
(٣). الأنفال (٨) : ١٧.
(٤). الأنعام (٦) : ٦.