قوله سبحانه : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ)
لما انتهى الكلام إلى الهداية الإلهيّة وهي حق الهداية ، عقّب القول بقصة هدايته إبراهيم وذكر المهديّين من ذريته ، وهم الأئمة من الأنبياء.
وعن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال صلىاللهعليهوآله : «لم يزل ينقلني الله من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات ، حتى أخرجني في عالمكم هذا لم يدنسني بدنس الجاهلية» (١).
وفي تفسير البرهان : روى عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : «إنّ آزر كان أبا إبراهيم في التربية» (٢).
أقول : ومن أجل ذلك ذكر أصحابنا أنّ آزر ما كان والد إبراهيم ـ عليهالسلام ـ بل جدّا لأمّه ، أو عمه عليهالسلام ، وعليه يحمل قوله سبحانه : (لِأَبِيهِ آزَرَ) ، فإنّ لفظ ألأب أعمّ إطلاقا من الوالد كما في قوله تعالى : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) (٣) ، فقد عدّ إبراهيم أبا ليعقوب وهو جدّه ، وإسماعيل أبا له وهو عمّه ، وليس الإطلاق من باب التغليب لعدم جواز تغليب الواحد على الإثنين ، ونظير الأب والوالد في النسبة : الأم والوالدة.
وعن الزجّاج قال : إنّه ليس بين النسّابين اختلاف أنّ اسم أبي إبراهيم تارخ (٤).
وهو يؤيّد ذلك ، على أنّ كلامه سبحانه يشهد بذلك ، قال تعالى : (قالَ سَلامٌ
__________________
(١). أوائل المقالات : ٤٦ ؛ ايمان أبي طالب : ٥٧ ؛ تصحيح الاعتقاد : ١٣٩.
(٢). البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٥٨٧.
(٣). البقرة (٢) : ١٣٣.
(٤). القصص للجزائري : ١٠٨ ؛ بحار الأنوار ١٣ : ٤٧.