عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) (١) ، وهذا في أول ما يكلّم أباه ويشاجره ، ثم قال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ) .. إلى أن قال : (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) .. إلى أن قال : (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) (٢) الآيات ، وهذا في أواخر حاله مع قومه ، ثم قال سبحانه : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) (٣) ثم قال تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) .. إلى أن قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ* رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ* رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) (٤).
وهذا من دعاء إبراهيم في أواخر عهده ، وقد دعا لوالديه بالمغفرة مع نفسه والمؤمنين فهما غير أبيه الذي تبرأ منه وهو ظاهر ، وما ألطف قوله : (وَلِوالِدَيَ) ولم يقل : لأبويّ ، فما وقع في بعض الروايات من طرقنا أنّ آزر كان والد إبراهيم ـ عليهالسلام ـ لا ينبغي أن يركن إليه والله أعلم.
قوله سبحانه : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) سياق الآية أنّها معترضة أو كالمعترضة ، ولذلك لا يبعد أن يكون فيه إيماء إلى
__________________
(١). مريم (١٩) : ٤٧.
(٢). الشعراء (٢٦) : ٦٩ ـ ٨٦.
(٣). التوبة (٩) : ١١٤.
(٤). إبراهيم (١٤) : ٣٥ ـ ٤١.