قوله : (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً)
كأنّهم خوّفوه في رفض آلهتهم ، فأجاب : إنّي لا أخافهنّ لعدم أثر فيها ، ولو أصابني شيء من جهة الرفض فبمشيئة الله أصابني لا بمشيئتهن ، وهو سبحانه يعلم بحالى وإنّي غير ظالم في توحيدي.
ثم أجاب أن لو كان الخوف من الشرك ممّا يجب ، لكان يجب عليهم أن يخافوا من شركهم بالله سبحانه ولا حجة لهم في شركهم لا عليه ـ عليهالسلام ، لكونه ذا حجة.
قوله تعالى : (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ)
لم يقل فأينا أحق بالأمن أخذا بالنصفة ورجوعا إلى حكومة العقل كما قال : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، كما هو الأنسب في أدب المناظرة والإحتجاج عند رجوع الخصمين إلى حكومة الحكم أن يحذف خصوصية كلّ منهما فيقال : فريقان ، فريق يقول كذا وآخر يدّعي كذا أيّهما على الحق؟ ثم أجاب فقال : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) ، وعند ذلك نسب إلى نفسه الإهتداء بعد ما اعترف لربّه بالهداية.
وقد اشتملت الآيات في سوقها على طرف عال من أدب العبودية ومقام المراقبة لما يفيض من جانب الحق سبحانه إلى قلب العبد.
قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)
لبست عليه الأمر ألبسه من باب ضرب : أي خلطه فاشتبه عليه ، والإلباس والتلبيس التخليط ، ولو كانت الآية من تتمة كلام إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كما هو