والشدائد ضاق صدره ، فنزول السكينة عليه يوجب انشراح صدره واتّساعه وتنفّس كربه ، كالنسيم اللطيف الفائح على من أجهده حرّ القيظ وتعب العمل.
والإنسان مع ذلك إذا كان ذا وقار وطمأنينة لم يلتفت في وجهته ، ولم يشاهد غير وجه نفسه لما معه من الكبرياء والعزّة النفسانيّة ، فإذا كان ذلك كرامة له من الله سبحانه ، فهو كريح من الجنّة لها صورة كصورة الإنسان فافهم ذلك.
قوله سبحانه : (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا)
في تفسير القمّي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : وهو القتل. (١)
أقول : والسياق يؤيّده.
قوله سبحانه : (ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ)
في تفسير الصافي روي أنّ ناسا منهم جاؤوا إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وأسلموا وقالوا : يا رسول الله! أنت خير الناس وأبرّهم وقد سبي أهلونا وأولادنا واخذت أموالنا ، وقد سبي يومئذ ستّة آلاف نفس ، واخذ من الإبل والغنم ما لا يحصى ، فقال : اختاروا إمّا سباياكم وإمّا أموالكم ، فقالوا : ما كنّا نعدل بالأحساب شيئا ، فقام رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وقال : إنّ هؤلاء جاؤوا مسلمين ، وإنّا خيّرناهم بين الذراري والأموال ، فلم يعدلوا بالأحساب شيئا ، فمن كان بيده سبي وطابت نفسه أن يردّه فشأنه ، ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتّى نصيب شيئا [فنعطيه] (٢) مكانه ، فقالوا : رضينا وسلّمنا ،
__________________
(١). تفسير القمّي ١ : ٢٨٨ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٤٢١ ، الحديث : ٤.
(٢). ما بين المعقوفتين في نسخة [منه ـ رحمهالله ـ] ؛ وفي نسخة المطبوعة : «فلنعطيه».