للمؤمن مرتبة مع الإيمان لم يكن قبل نزولها بموجودة ، وليست إلّا ما يقاوم كيد الشيطان وحبّ النفس للبقاء الموجب لضعف النفس عن مقارعة الأبطال والثبات في جهاد الأعداء.
وبهذا تفارق السكينة أيضا روح الإيمان ، فإنّ الروح لا يثبت التقوى إثباتا ضروريّا بتّيّا ، بخلاف السكينة فإنّها تثبت الثبات وطمأنينة النفس البتّة.
وفي الكافي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : السكينة الإيمان. (١)
أقول : ورواه الصدوق في المعاني عن الباقر ـ عليهالسلام ـ ، (٢) وقد تبيّن معناه.
وفي الكافي أيضا عن الرضا ـ عليهالسلام ـ قال : ريح تخرج من الجنّة لها وجه كوجه الإنسان ، أطيب ريحا من المسك ، وهي التي أنزلها الله على رسوله بحنين فهزم المشركين. (٣)
أقول : وفي هذا المعنى عدّة روايات عنهم ـ عليهمالسلام ـ ، وقد روي هذا المعنى من طرق العامّة عن عليّ ـ عليهالسلام ـ ، (٤) ولا شكّ أنّه تمثيل وتمثّل ، وتمثّل المعنيّ على الإنسان إنّما يكون بصورة يألفها مع المعنى في غالب موارده ، كتمثّل الدنيا بصورة الغانية الفتّانة أو العجوز الفانية ، وكتمثّل الأعمال الصالحة بصور حسنة ، والأعمال الطالحة بصور قبيحة.
فلعلّ الوجه في تمثّل السكينة والوقار الإلهي بصورة ريح الجنة ذات وجه كوجه الإنسان ، هو أنّ الإنسان الضعيف القلب الهيّن الركن إذا صادف الهزاهز
__________________
(١). الكافي ٢ : ١٥ ، الحديث : ٣.
(٢). معاني الأخبار : ٢٨٤ ، الحديث : ١.
(٣). الكافي ٣ : ٤٧١ ، الحديث : ٥ ؛ ٤ : ٢٠٦ ، الحديث : ٥ ، نقلها العلّامة ـ رحمهالله ـ بالمعنى.
(٤). مجمع الزوائد ٦ : ٣٢١ ؛ المعجم الأوسط ٧ : ٨٩.