السابقة : (وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ)، يدلّ على أنّ هذا التشديد والعذاب ، إنّما هو لكون الكنز قطعا لسبيل الله وإبطالا لمصلحة التمليك ، فيدور أمره في الشدّة مدار السبيل في أهمّيّته كالزكاة والإنفاق مع حاجة المسلمين والصالحين من عباد الله مع فاقتهم الشديدة بسنة أو جدب أو غير ذلك.
ومن هنا يظهر أنّ مقدار الكنز وكذا صدق الكنز بحسب الأحوال والأزمان يختلف اختلافا شديدا ، فربما كانت الألف كنزا وربما لم تكن ، وربما كان مع حاجة أوسط الناس كنزا ، وربما لم يكن لعدم حاجتهم ، وإلى هذا ربما يرجع معاني الأخبار الواردة :
ففي المجمع عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز أدّى زكاته أو لم يؤدّ ، وما دونها فهي (١) نفقة. (٢)
وفي تفسير العيّاشي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ في الآية قال ـ عليهالسلام ـ : إنّما عنى بها ما جاوز ألفي درهم. (٣)
أقول : ولعلّ الاختلاف بين الروايتين راجع إلى اختلاف الأحوال.
وفي الخصال عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ : الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم. (٤)
وفي المجمع عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ : لمّا نزلت هذه الآية ، قال : تبّا للذهب والفضّة (٥) يكرّرها ثلاثا فشقّ ذلك على أصحابه ، فسأله عمر : (٦) أيّ المال
__________________
(١). في المصدر : «فهو»
(٢). مجمع البيان ٥ : ٤٠ ؛ الكشف والبيان ٥ : ٣٧.
(٣). تفسير العيّاشي ٢ : ٨٧ ، الحديث : ٥٣.
(٤). الخصال ١ : ٤٣ ، الحديث : ٢٧.
(٥). في المصدر : «تبّا للذهب تبّا للفضّة»
(٦). في المصدر : + «فقال يا رسول الله»