في غزوة تبوك في سنة عشر بعد رجوع رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ من الطائف فإنّ الصيّافة كانوا يقدمون المدينة من الشام معهم الدرموك والطعام ، فأشاعوا بالمدينة أنّ الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله في عسكر عظيم ، وأنّ هرقل (١) قد سار في جنوده وجلب معهم غسّان (٢) وجذام (٣) وبهراء (٤) وعاملة ، (٥) وقدم عساكره البلقاء (٦) ونزل هو حمص ، فتهيّأ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وعزم على الخروج إلى تبوك ، وكتب إلى تميم وغطفان وطيّ ، وإلى من أسلم من خزاعة ، وجهينة ومزينة ، (٧) وبعث إلى عتاب بن اسيد عامله على مكّة ، يستنفرهم لغزو الروم وأمر ـ صلىاللهعليهوآله ـ بمعسكره ، فضرب في ثنيّة الوداع ، وأمر أهل الجدّة واليسار أن يعينوا من لا قوّة به ، ويعدّوا من لا عدّة له وقام ـ صلىاللهعليهوآله ـ خطيبا. (٨)
وقال بعد حمد الله تعالى والثناء عليه : أيّها الناس إنّ أصدق الحديث كتاب الله ، وأولى القول (٩) كلمة التقوى ، وخير الملل ملّة إبراهيم ، وخير السنن سنّة محمّد ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وأحسن القصص هذا القرآن ، وخير الامور عزائمها ، وشرّ الامور محدثاتها ، وأحسن الهدى هدى الأنبياء ، وأشرف القتلى
__________________
(١). هرقل : «ملك الروم».
(٢). أربع من قبائل اليمن [منه ـ رحمهالله ـ]. و «غسّان» اسم ماء نزل عليه قوم من الأزد.
(٣). جذام : «قبيلة من اليمن نزل بجبال حسمي».
(٤). بهراء : «قبيلة من قضاعة».
(٥). عاملة : «حيّ من اليمن».
(٦). البلقاء : «مدينة بالشام».
(٧). مزينة : «قبيلة من مصر».
(٨). تفسير القمي ١ : ٢٩٠ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٤١٠.
(٩). في الاختصاص : «وأوثق العري»