وقدم رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ تبوك في شعبان يوم الثلاثاء ، وأقام بقيّة شعبان وأيّاما من شهر رمضان ، وأتاه ـ وهو بتبوك ـ بخته بن أرويه صاحب إيله فأعطاه الجزية ، وكتب له رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ كتابا وكتب أيضا لأهل جرباء وأذرح كتابا وبعث صلىاللهعليهوآله ـ وهو بتبوك ـ جمعا ممّن معه إلى جمع من جذام ، فأصابوا منهم طرفا وسبايا ، وبعث آخرين إلى ناس من بني سليم وجموع من بلّي ، فلمّا قاربوا القوم هربوا.
وبعث آخرين إلى الأكيدر صاحب دومة الجندل ، وكان ذا عدّة وقوّة جدّا ، فأصابوه ليلة في خارج حصنه ، فأسروه وجاءوا به إليه ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، فصالحه بمال عظيم من الجزية. (١)
وأقام ـ صلىاللهعليهوآله ـ بتبوك شهرين ، وكان ما شاع في المدينة من عزم هرقل وجمعه الجموع لغزو رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ باطلا ، وتردّد بينه وبين النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ الرسول ، ومال هرقل إليه ـ صلىاللهعليهوآله ـ لما أخبر به رسوله من صفاته وشأنه ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، ولم يؤذن ـ صلىاللهعليهوآله ـ في قتاله. (٢)
ثمّ سار رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ قافلا من تبوك إلى المدينة حتّى إذا كان ببعض الطريق ائتمر فارس من أصحابه المنافقين أن يقتلوه بطرحه من العقبة ، وأخبر جبرئيل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ بخبرهم وقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ للناس : أن خذوا بطن الوادي فإنّه أوسع لكم وأخذ هو ـ صلىاللهعليهوآله ـ العقبة ، وأمر عمّارا أن يأخذ بزمام الناقة ، وأمر حذيفة بن اليمان أن
__________________
(١). السيرة النبوية ٥ : ٢٠٨ ؛ المغاذي للواقدي ٣ : ١٠٢٥.
(٢). المغاذي للواقدي ٣ : ١٠١٨.