اللهمّ اغفر لي ولامّتي ، أستغفر الله لي ولكم. (١)
فرغّب الناس في الجهاد وحثّوا عليه ، وبذلوا الأموال وأعدّوا العدّة حتّى اجتمع في معسكره ـ صلىاللهعليهوآله ـ نحو من خمسة وعشرين ألف مجاهد غير العبيد والبنين.
وكان الوقت وقت قحط وقيظ وحرّ ، ولذلك تعلّل عدّة من المنافقين فلم يخرجوا مع النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ وبقوا في المدينة يقلّبون الامور ويكدّرون صفو الامور ، وكانوا قد كثر عددهم وعظم أمرهم يومئذ حتّى آل الأمر أن همّوا برسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ليلة العقبة.
فخرج رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وخلّف مكانه أمير المؤمنين عليّا ـ عليهالسلام ـ ، وسار رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ حتّى نزل الجرف ، فرجع عبد الله بن ابيّ بغير إذن ، فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «حسبي الله هو الذي أيّدني بنصره وبالمؤمنين وألّف بين قلوبهم» ، فلمّا انتهى إلى الجرف. لحقه عليّ ـ عليهالسلام ـ وأخذ بغرز (٢) راحلته وقال : يا رسول الله! زعمت قريش أنّك تركتني بالمدينة استثقالا لي ، فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، فقال : قد رضيت ، ورجع إلى المدينة. (٣)
__________________
(١). الاختصاص للمفيد : ٣٤٢ ؛ المغاذي للواقدي ٣ : ١٠١٦ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٤٦٥ ؛ مدينة البلاغة ١ : ٥٧ ، الخطبة : ٢٢ ؛ وقريب منه في الامالي للصدوق : ٤٨٧ ، المجلس : ٧٤ ، الحديث : ١.
(٢). الغرز ، بالفتح فالسكون : ركاب الرجل من جلد فإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب ، [منه ـ رحمهالله ـ]
(٣). تفسير القمي ١ : ٢٩٣ ؛ السيرة النبوية لابن هشام ٥ : ١٩٩.