قوله سبحانه : (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ)
يريد المنافقين الذين تخلّفوا في المدينة عن الشخوص لتبوك ، وذلك أنّ المتخلّفين عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ في هذه الغزوة كانوا على أصناف : صنف منهم أهل نيّة وبصيرة ، منهم أبو خيثمة لم يخرج وقال : سألحق به وكان قويّا ، وكان له زوجتان وعريشتان ، وكانتا زوجتاه قد رشّتا عريشتيه وبرّدتا له الماء وهيّئتا له طعاما ، فأشرف على عريشته ، فلمّا نظر إليهما قال : لا والله ما هذا بإنصاف ، هذا رسول الله قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر قد خرج في الفيح والريح وقد حمل السلاح يجاهد في سبيل الله وأبو خيثمة قويّ قاعد في عريشته وامرأتين حسناوتين ، لا والله ما هذا بإنصاف.
ثمّ أخذ ناقته وشدّ عليها رحله ولحق برسول الله ، فنظروا إلى راكب في الطريق ، فأخبروا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : كن أبا خيثمة ، فأقبل وأخبر النبيّ بما كان منه فجزاه خيرا ودعا له. (١)
وكان أبو ذر تخلّف عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ثلاثة أيّام ، وذلك أنّ جمله كان أعجف (٢) ووقف عليه جمله في بعض الطريق ، فتركه وحمل ثيابه على ظهره ، فلمّا ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : كن أبا ذر ، فقالوا : هو أبو ذر ، فقال رسول الله : أدركوه بالماء فإنّه عطشان ، فأدركوه بالماء ، ووافى أبو ذر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ومعه إداوة فيها ماء ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : يا أبا ذر معك
__________________
(١). تفسير القمي ١ : ٢٩٤ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٤٦٨ ، الحديث : ١.
(٢). في المصدر : + «فلحق بعد ثلاثة أيّام به»