وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١) وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)]
قوله سبحانه : (قُلِ اسْتَهْزِؤُا)
إن قلت : قوله تعالى : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ ...)، تحكي عن أنّهم كانوا يخافون من ذلك على سبيل الجدّ ، فلا يلائمه قوله أخيرا : (قُلِ اسْتَهْزِؤُا)، الحاكي عن أنّه كان منهم هزءا وسخريّة.
قلت : ذكر القمّي وغيره في تفاسيرهم : أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ لمّا خرج إلى تبوك كان جمع من المنافقين يتحدّثون بينهم ويقولون : أيرى محمّد أنّ حرب الروم مثل حرب غيرهم؟! لا يرجع منهم أحد أبدا ، فقال بعضهم : ما أخلقه أن يخبر الله محمّدا بما كنّا فيه وبما في قلوبنا وينزل عليه بهذا قرآنا يقرأه الناس ، وقالوا هذا على حدّ الاستهزاء ، (١) انتهى.
فهذا ما كان من قولهم ، غير أنّهم كانوا يخافون ظهور هذا الأمر منهم لمّا رأوا من نزول الوحي كلّما أحدثوا حدثا أو أسرّوا دسيسة وفسادا ، غير أنّهم لم يكونوا يرون أنّ ذلك مستند إلى أمر سماوي وإخبار إلهي حقيقة ، فهم كانوا
__________________
(١). تفسير القمّي ١ : ٣٠٠ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٤١٩ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٤٩٥ ، الحديث : ٣.