الصدقة وما يشبهه ممّا لا واسطة له ، وإن كان له وسائط بالنسبة إلى ما هو فوقه ، فإنّ ارتفاع الواسطة بينه وبين شيء من مخلوقاته ممّا لا مطمع فيه.
وفي النهج في بعض خطبه ـ عليهالسلام ـ : جعل على كلّ شيء رقيبا. (١)
قوله سبحانه : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ)
إتيان صورة الأمر في هذه الموارد للتعميم ، وربما أكّدت بتعميم في متعلّقه ، فيقال : اعمل ما شئت ، واعملوا ما شئتم ، والمعنى على أيّ حال : كلّ ما عملتموه من عمل خير أو شرّ (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، وهذا كناية عن الحثّ على الأعمال الصالحة ، فمعناه هذّبوا أعمالكم وأصلحوا فإنّها بمعرض مشاهدة الله ورسوله والمؤمنين.
ومن هذا البيان يظهر أنّ المراد بالرؤية ليس هو الرؤية الحسّية والمشاهدة الدنيويّة ، فإنّ المرئي من الأعمال للرسول وللمؤمنين بحسب النشأة الدنيويّة ليس إلّا بعضها دون كلّها ، بل العمل من حيث إنّه خير أو شرّ متقوّم بصورة النيّة والشوب والخلوص ، وهي معنى قلبي وأمر معنوي لا يفي لإدراكه الإحساسات الدنيويّة والمشاعر الحسّيّة ، بل المراد الرؤية الباطنيّة بصورة غير دنيويّة ، فهو ارتفاع أعمال العباد إلى الله ، فيشاهده إذ ذاك رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ والمؤمنون.
وفي تفسير العيّاشي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : تعرض على رسول الله أعمال العباد (٢) كلّ صباح ، أبرارها وفجّارها ، فاحذروها وهو قول الله : (وَقُلِ
__________________
(١). لم نجده في نهج البلاغة.
(٢). في المصدر : «امّته»